سرقة الحياء- عندما يصبح الخجل مطية للاستغلال
المؤلف: عبده خال09.26.2025

في إحدى المناسبات الاجتماعية، كان المضيف يتمتع بقدر بالغ من الخجل، وتوالت طلبات الضيوف عليه بشكل متزايد، وبسبب طبيعته الوديعة، لم يجد صعوبة في تلبية رغباتهم المتنوعة، فارتفع صوت من بين همسات الحاضرين المتداخلة قائلاً:
- ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام!
توقفتُ برهةً، مستفسراً من صديقي (حسن أبو نورة) أن يعيد تكرار هذا المثل العميق، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يتردد على مسامعي هذا القول المأثور، فشرعت في البحث عن قائله، ولكن جهودي لم تسفر عن نتيجة قاطعة، سوى أنه قول مأثور متداول، وقد سعى البعض إلى إجراء مقارنة بين هذا القول المأثور وبين ما ورد في قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»، وهي مقاربة اختزلت المعنى في الجانب المادي فقط، بينما نجد أن هناك مواقف جمة يتم فيها استخدام "سيف الحياء" كسلاح فعال لتحقيق مآرب دنيوية...
وإذا أردتُ أن أستهل حديثي عن تأسيس مفهوم "ما يؤخذ بالحياء"، فسأبدأ بالخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكتب السيرة النبوية المطهرة تصفه بأنه كان رجلاً حيائياً بطبعه، وهذه النوعية من الأشخاص غالباً ما يتم استغلال حيائها بشكل غير مقبول بل ومُهين، وأستغرب حقاً أن جميع الدراسات والأبحاث التي تناولت شخصية عثمان أو فتنة مقتله لم تلقِ الضوء على هذه الزاوية الهامة، ولو تم التنبّه إليها بشكل كافٍ، لربما جنبنا ذلك توجيه اللوم للخليفة الثالث بسبب تقريبه لأهله وذويه وأقاربه، فمن المؤكد أن تولي بعض أفراد عائلته لمناصب سيادية مرموقة أو إمارات مؤثرة أو قيادة جيوش قوية لم يكن ليحدث لولا عامل الحياء، فلو طُلِبَ من ذلك الخليفة الجليل أمرٌ ما، لما استطاع ردّ أو مجافاة من يطلب منه ذلك.
وعبر مسيرة التاريخ الطويلة، ظلت هذه السمة ملازمةً لبعض الشخصيات البارزة، وإذا ما قمنا برصد دقيق لأي شخصية اتسمت بهذه الصفة الحميدة، فسنجد أن الأخطاء والتبعات السلبية التي يتحملها صاحبها لم تحدث إلا نتيجةً لسلب الحياء بشكل غير مشروع.
وفي حياتنا اليومية المعاصرة، كم من شخص "حيائي" يتم سلبه أموالاً طائلة أو أغراضاً ثمينة أو آراءً قيمة، ولا يجد من ينصره أو يدافع عنه ضد لصوص "سرقة الحياء" المتفشين، وإذا أردنا توسيع دائرة هذا النوع من السرقات، فسنجد أن كل القرارات المجحفة التي تواجهنا في الوزارات والشركات والمؤسسات المختلفة ما هي إلا ذبح لنا بسيف الحياء البتار... فعندما يُقال لنا أن هذا هو النظام المتبع، بينما نعلم يقيناً أن الموظف المعني متقاعس في عمله أو غير مهتم أو يقدم معلومات مضللة، فلا يمنعنا من تصعيد الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة إلا الحياء الزائد عن حده.
وعلى المستوى الشخصي، تعرضتُ لعمليات سطو وسرقة كثيرة؛ وذلك لأنني بطبيعتي شخص متسم بالحياء، فقد سُرقت من قبل أناس يدعون الثقافة والفكر، ويرتدون عباءات المثقفين المزيفة، وهم في حقيقة الأمر محترفون في سرقة واستغلال كل من يستحي، وإذا ما أقدمتُ على كتابة سيرتي الذاتية يوماً ما، فلن أجد خيراً من فضح وكشف هؤلاء اللصوص المخادعين.
- ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام!
توقفتُ برهةً، مستفسراً من صديقي (حسن أبو نورة) أن يعيد تكرار هذا المثل العميق، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يتردد على مسامعي هذا القول المأثور، فشرعت في البحث عن قائله، ولكن جهودي لم تسفر عن نتيجة قاطعة، سوى أنه قول مأثور متداول، وقد سعى البعض إلى إجراء مقارنة بين هذا القول المأثور وبين ما ورد في قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»، وهي مقاربة اختزلت المعنى في الجانب المادي فقط، بينما نجد أن هناك مواقف جمة يتم فيها استخدام "سيف الحياء" كسلاح فعال لتحقيق مآرب دنيوية...
وإذا أردتُ أن أستهل حديثي عن تأسيس مفهوم "ما يؤخذ بالحياء"، فسأبدأ بالخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكتب السيرة النبوية المطهرة تصفه بأنه كان رجلاً حيائياً بطبعه، وهذه النوعية من الأشخاص غالباً ما يتم استغلال حيائها بشكل غير مقبول بل ومُهين، وأستغرب حقاً أن جميع الدراسات والأبحاث التي تناولت شخصية عثمان أو فتنة مقتله لم تلقِ الضوء على هذه الزاوية الهامة، ولو تم التنبّه إليها بشكل كافٍ، لربما جنبنا ذلك توجيه اللوم للخليفة الثالث بسبب تقريبه لأهله وذويه وأقاربه، فمن المؤكد أن تولي بعض أفراد عائلته لمناصب سيادية مرموقة أو إمارات مؤثرة أو قيادة جيوش قوية لم يكن ليحدث لولا عامل الحياء، فلو طُلِبَ من ذلك الخليفة الجليل أمرٌ ما، لما استطاع ردّ أو مجافاة من يطلب منه ذلك.
وعبر مسيرة التاريخ الطويلة، ظلت هذه السمة ملازمةً لبعض الشخصيات البارزة، وإذا ما قمنا برصد دقيق لأي شخصية اتسمت بهذه الصفة الحميدة، فسنجد أن الأخطاء والتبعات السلبية التي يتحملها صاحبها لم تحدث إلا نتيجةً لسلب الحياء بشكل غير مشروع.
وفي حياتنا اليومية المعاصرة، كم من شخص "حيائي" يتم سلبه أموالاً طائلة أو أغراضاً ثمينة أو آراءً قيمة، ولا يجد من ينصره أو يدافع عنه ضد لصوص "سرقة الحياء" المتفشين، وإذا أردنا توسيع دائرة هذا النوع من السرقات، فسنجد أن كل القرارات المجحفة التي تواجهنا في الوزارات والشركات والمؤسسات المختلفة ما هي إلا ذبح لنا بسيف الحياء البتار... فعندما يُقال لنا أن هذا هو النظام المتبع، بينما نعلم يقيناً أن الموظف المعني متقاعس في عمله أو غير مهتم أو يقدم معلومات مضللة، فلا يمنعنا من تصعيد الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة إلا الحياء الزائد عن حده.
وعلى المستوى الشخصي، تعرضتُ لعمليات سطو وسرقة كثيرة؛ وذلك لأنني بطبيعتي شخص متسم بالحياء، فقد سُرقت من قبل أناس يدعون الثقافة والفكر، ويرتدون عباءات المثقفين المزيفة، وهم في حقيقة الأمر محترفون في سرقة واستغلال كل من يستحي، وإذا ما أقدمتُ على كتابة سيرتي الذاتية يوماً ما، فلن أجد خيراً من فضح وكشف هؤلاء اللصوص المخادعين.